قيس بن الملّوح (مَجْنُون لَيْلى) –
تَــذَكَّرْتُ لَيْلَـى وَالسـِّنِينَ الْخَوَالِيَـا
وَأَيَّـامَ لَا نَخْشـَى عَلَـى اللَّهْـوِ نَاهِيَا
وَيَــوْمٍ كَظِــلِّ الرُّمْــحِ قَصــَّرْتُ ظِلَّـهُ
بِلَيْلَــى فَلَهَّــانِي وَمَـا كُنْـتُ لَاهِيَـا
بِثَمْــدَيْنِ لَاحَـتْ نَـارَ لَيْلَـى وَصـَحْبَتِي
بِـذَاتِ الْغَضـَا تَزْجِي الْمَطِيَّ النَّوَاجِيَا
فَقَـالَ بَصـِيرُ الْقَـوْمِ أَلْمَحْـتُ كَوْكَبـاً
بَـدَا فِـي سـَوَادِ اللَّيْلِ فَرْداً يَمَانِيَا
فَقُلْــتُ لَـهُ بَـلْ نَـارُ لَيْلَـى تَوَقَّـدَتْ
بِعَلْيَــا تَسـَامَى ضـَوْءُهَا فَبَـدَا لِيَـا
فَلَيْـتَ رِكَـابَ الْقَـوْمِ لَمْ تَقْطَعِ الْغَضَا
وَلَيْـتَ الْغَضـَا مَاشـَى الرِّكَابَ لَيَالِيَا
فَيَـا لَيْـلَ كَـمْ مِـنْ حَاجَـةٍ لِـي مُهِمَّةٍ
إِذَا جِئْتُكُـمْ بِاللَّيْـلِ لَـمْ أَدْرِ مَاهِيَا
خَلِيلَــــيَّ إِنْ تَبْكِيَـــانِيَ أَلْتَمِـــسْ
خَلِيلاً إِذَا أَنْزَفْــتُ دَمْعِـي بَكَـى لِيَـا
فَمَــا أُشــْرِفُ الْأَيْفَــاعَ إِلَّا صــَبَابَةً
وَلَا أُنْشـــِدُ الْأَشـــْعَارَ إِلَّا تَــدَاوِيَا
وَقَـدْ يَجْمَـعُ اللَّـهُ الشـَّتِيتَيْنِ بَعْدَمَا
يَظُنَّــانِ كُــلَّ الظَّــنِّ أَنْ لَا تَلَاقِيَــا
لَحَـى اللَّـهُ أَقْوَامـاً يَقُولُـونَ إِنَّنَـا
وَجَـدْنَا طَـوَالَ الـدَّهْرِ لِلْحُـبِّ شـَافِيَا
وَعَهْــدِي بِلَيْلَــى وَهْــيَ ذَاتُ مُؤَصــِّدٍ
تَــرُدُّ عَلَيْنَــا بِالْعَشــِيِّ الْمَوَاشـِيَا
فَشـَبَّ بَنُـو لَيْلَـى وَشـَبَّ بَنُـو ابْنِهَـا
وَأَعْلَاقُ لَيْلَـى فِـي فُـؤَادِي كَمَـا هِيَـا
إِذَا مَــا جَلَســْنَا مَجْلِســاً نَسـْتَلِذُّهُ
تَوَاشــَوْا بِنَــا حَتَّـى أَمَـلَّ مَكَانِيَـا
سـَقَى اللَّـهُ جَـارَاتٍ لِلَيْلَـى تَبَاعَـدَتْ
بِهِـنَّ النَّـوَى حَيْـثُ احْتَلَلْنَ الْمَطَالِيَا
وَلَـمْ يُنْسـِنِي لَيْلَـى افْتِقَـارٌ وَلَا غِنىً
وَلَا تَوْبَــةٌ حَتَّـى احْتَضـَنْتُ السـَّوَارِيَا
وَلَا نِســْوَةٌ صــَبِّغْنَ كَبْــدَاءَ جَلْعَــداً
لِتُشــْبِهَ لَيْلَــى ثُــمَّ عَرَّضـْنَهَا لِيَـا
خَلِيلَــيَّ لَا وَاللَّــهِ لَا أَمْلِــكُ الَّـذِي
قَضـَى اللَّـهُ فِي لَيْلَى وَلَا مَا قَضَى لِيَا
قَضــَاهَا لِغَيْــرِي وَابْتَلَانِــي بِحُبِّهَـا
فَهَلَّا بِشــَيْءٍ غَيْــرَ لَيْلَــى ابْتَلَانِيَـا
وَخَبَّرْتُمَـــانِي أَنَّ تَيْمَـــاءَ مَنْـــزِلٌ
لِلَيْلَى إِذَا مَا الصَّيْفُ أَلْقَى الْمَرَاسِيَا
فَهَـذِي شـُهُورُ الصـَّيْفِ عَنَّـا قَدِ انْقَضَتْ
فَمَـا لِلنَّـوَى تَرْمِـي بِلَيْلَى الْمَرَامِيَا
فَلَــــوْ أَنَّ وَاشٍ بِالْيَمَامَــــةِ دَارُهُ
وَدَارِي بِـأَعْلَى حَضـْرَمَوْتَ اهْتَـدَى لِيَـا
وَمَـاذَا لَهُـمْ لَا أَحْسـَنَ اللَّـهُ حَـالُهُمْ
مِـنَ الْحَـظِّ فِـي تَصـْرِيمِ لَيْلَى حَبَالِيَا
وَقَـدْ كُنْـتُ أَعْلُـو حُـبَّ لَيْلَى فَلَمْ يَزَلْ
بِــيَ النَّقْـضُ وَالْإِبْـرَامُ حَتَّـى عَلَانِيَـا
فَيَــا رَبَّ سـَوِّ الْحُـبَّ بَيْنِـي وَبَيْنَهَـا
يَكُــــونُ كِفَافـاً لَا عَلَــيَّ وَلَا لِيَــا
فَمَـا طَلَـعَ النَّجْـمُ الَّـذِي يُهْتَـدَى بِهِ
وَلَا الصــُّبْحُ إِلَّا هَيَّجَــا ذِكْرَهَـا لِيَـا
وَلَا ســِرْتُ مِيلاً مِــنْ دِمَشــْقَ وَلَا بَـدَا
ســُهَيْلٌ لِأَهْــلِ الشـَّامِ إِلَّا بَـدَا لِيَـا
وَلَا ســُمِّيَتْ عِنْــدِي لَهَــا مِـنْ سـَمِيَّةٍ
مِــنَ النَّـاسِ إِلَّا بَـلَّ دَمْعِـي رِدَائِيَـا
وَلَا هَبَّــتِ الرِّيــحُ الْجُنُــوبُ لِأَرْضـِهَا
مِــنَ اللَّيْـلِ إِلَّا بِـتُّ لِلرِّيـحِ حَانِيَـا
فَـإِنْ تَمْنَعُـوا لَيْلَـى وَتَحْمُـوا بِلَادَهَا
عَلَــيَّ فَلَـنْ تَحْمُـوا عَلَـيَّ الْقَوَافِيَـا
فَأَشــْهَدُ عِنْــدَ اللَّــهِ أَنِّـي أُحِبُّهَـا
فَهَـذَا لَهَـا عِنْـدِي فَمَـا عِنْـدَهَا لِيَا
قَضـَى اللَّـهُ بِـالْمَعْرُوفِ مِنْهَا لِغَيْرِنَا
وَبِالشـَّوْقِ وَالْإِبْعَـادِ مِنْهَـا قَضـَى لِيَا
وَإِنَّ الَّــذِي أَمَّلْــتُ يَــا أُمَّ مَالِــكٍ
أَشــَابَ فُوَيْــدِي وَاســْتَهَامَ فُؤَادِيَـا
أَعِــدُّ اللَّيَــالِي لَيْلَـةً بَعْـدَ لَيْلَـةٍ
وَقَـدْ عِشـْتُ دَهْـراً لَا أُعِـدَّ اللَّيَالِيَـا
وَأَخْــرُجُ مِــنْ بَيْـنِ الْبُيُـوتِ لَعَلَّنِـي
أُحَـدِّثُ عَنْـكِ النَّفْـسَ بِاللَّيْـلِ خَالِيَـا
أَرَانِــي إِذَا صــَلَّيْتُ يَمَّمْــتُ نَحْوَهَـا
بِــوَجْهِي وَإِنْ كَـانَ الْمُصـَلَّى وَرَائِيَـا
وَمَــا بِــيَ إِشــْرَاكٌ وَلَكِــنَّ حُبَّهَــا
وَعُظْـمَ الْجَوَى أَعْيَا الطَّبِيبَ الْمُدَاوِيَا
أُحِـبُّ مِـنَ الْأَسـْمَاءِ مَـا وَافَـقَ اسْمُهَا
وَشــَابَهَهُ أَوْ كَــانَ مِنْــهُ مُــدَانِيَا
خَلِيلَـيَّ لَيْلَـى أَكْبَـرُ الْحَـاجِ وَالْمُنَى
فَمَـنْ لِـي بِلَيْلَى أَوْ فَمَنْ ذَا لَهَا بِيَا
لَعَمْـرِي لَقَـدْ أَبْكَيْتِنِي يَا حَمَامَةَ الْـ
ــعَقِيقِ وَأَبْكَيْـتِ الْعُيُـونَ الْبَوَاكِيَـا
خَلِيلَـيَّ مَـا أَرْجُـو مِـنَ الْعَيْشِ بَعْدَمَا
أَرَى حَــاجَتِي تُشـْرَى وَلَا تُشـْتَرَى لِيَـا
وَتُجْـرِمُ لَيْلَـــى ثُــمَّ تَزْعَــمُ أَنَّنِـي
سـَلَوْتُ وَلَا يَخْفَـى عَلَـى النَّاسِ مَا بِيَا
فَلَــمْ أَرَ مِثْلَيْنَــا خَلِيلَــيْ صـَبَابَةٍ
أَشــَدَّ عَلَــى رَغْـمِ الْأَعَـادِي تَصـَافِيَا
خَلِيلَانِ لَا نَرْجُــو اللِّقَــاءَ وَلَا نَــرَى
خَلِيلَيْــــنِ إِلَّا يَرْجُـــوَانِ تَلَاقِيَـــا
وَإِنِّــي لَأَســْتَحْيِيكِ أَنْ تَعْـرِضِ الْمُنَـى
بِوَصـْلِكِ أَوْ أَنْ تَعْرِضـِي فِي الْمُنَى لِيَا
يَقُــولُ أُنَــاسٌ عَــلَّ مَجْنُــونَ عَـامِرٍ
يَــرُومُ سـُلُوّاً قُلْـتُ أَنَّـى لِمَـا بِيَـا
بِـيَ الْيَـأْسُ أَوْ دَاءُ الْهُيَـامِ أَصَابَنِي
فَإِيَّــاكَ عَنِّـي لَا يَكُـنْ بِـكَ مَـا بِيَـا
إِذَا مَـا اسـْتَطَالَ الدَّهْرُ يَا أُمَّ مَالِكٍ
فَشـَأْنُ الْمَنَايَـا الْقَاضـِيَاتِ وَشـَانِيَا
إِذَا اكْتَحَلَـتْ عَيْنِـي بِعَيْنِـكِ لَـمْ نَزَلْ
بِخَيْــرٍ وَأَجْلَــتْ غَمْـرَةً عَـنْ فُؤَادِيَـا
فَـأَنْتِ الَّتِـي إِنْ شـِئْتِ أَشـْقَيْتِ عِيشَتِي
وَأَنْـتِ الَّتِـي إِنْ شـِئْتِ أَنْعَمْـتِ بَالِيَا
وَأَنْـتِ الَّتِـي مَـا مِـنْ صـَدِيقٍ وَلَا عِداً
يَـرَى نِضـْوَ مَـا أَبْقَيْـتِ إِلَّا رَثَـى لِيَا
أَمَضــْرُوبَةٌ لَيْلَــى عَلَـى أَنْ أَزُورُهَـا
وَمُتَخِــذٌ جُرْمــاً عَلَــى أَنْ تَرَانِيَــا
إِذَا سـِرْتُ فِـي الْأَرْضِ الْفَضـَاءِ رَأَيْتُنِي
أُصــَانِعُ رَحْلِــي أَنْ يَمِيــلَ حِيَالِيَـا
يَمِينـاً إِذَا كَـانَتْ يَمِينـاً وَإِنْ تَكُـنْ
شـِمَالاً يُنَـازِعْنِ الْهَـوَى عَـنْ شـِمَالِيَا
وَإِنِّــي لَأَسْتَغْشــِي وَمَــا بِــيَ نَعْسـَةٌ
لَعَــلَّ خَيَــالاً مِنْــكِ يَلْقَـى خَيَالِيَـا
هِــيَ الســِّحْرُ إِلَّا أَنَّ لِلســِّحْرِ رُقْيَـةً
وَأَنِّـيَ لَا أُلْفِـي لَهَـا الـدَّهْرَ رَاقَيَـا
إِذَا نَحْــنُ أَدْلَجْنَــا وَأَنْـتِ أَمَامَنَـا
كَفَــا لِمَطَايَانَــا بِــذِكْرَاكِ هَادِيَـا
ذَكَـتْ نَـارُ شـَوْقِي فِـي فُؤَادِي فَأَصْبَحَتْ
لَهَــا وَهَــجٌ مُسْتَضــْرَمٌ فِـي فُؤَادِيَـا
أَلَا أَيُّهَـا الرَّكْـبُ الْيَمَـانُونَ عَرِّجُـوا
عَلَيْنَـا فَقَـدْ أَمْسـَى هَوَانَـا يَمَانِيَـا
أُســَائِلُكُمْ هَـلْ سـَالَ نَعْمَـانُ بَعْـدَنَا
وَحُــبَّ إِلَيْنَــا بَطْـنُ نَعْمَـانَ وَادِيَـا
أَلَا يَـا حَمَـامَيْ بَطْـنِ نَعْمَـانَ هِجْتُمَـا
عَلَــيَّ الْهَــوَى لَمَّـا تَغَنَّيْتُمَـا لِيَـا
وَأَبْكَيْتُمَـانِي وَسـْطَ صـَحْبِي وَلَـمْ أَكُـنْ
أُبَـالِي دُمُـوعَ الْعَيْـنِ لَوْ كُنْتُ خَالِيَا
وَيَــا أَيُّهَــا الْقُمْرِيَّتَــانِ تَجَاوَبَـا
بِلَحْنَيْكُمَــا ثُــمَّ اســْجَعَا عَلِّلَانِيَــا
فَـإِنْ أَنْتُمَـا اسـْطَتْرَبْتُمَا أَوْ أَرَدْتُمَا
لَحَاقــاً بِـأَطْلَالِ الْغَضـَا فَاتْبَعَانِيَـا
أَلَا لَيْـتَ شـِعْرِي مَـا لِلَيْلَـى وَمَالِيَـا
وَمَـا لِلصـِّبَا مِـنْ بَعْـدِ شـَيْبٍ عَلَانِيَـا
أَلَا أَيُّهَــا الْوَاشـِي بِلَيْلَـى أَلَا تَـرَى
إِلَـى مَـنْ تَشـِيهَا أَوْ بِمَنْ جِئْتُ وَاشِيَا
لَئِنْ ظَعَــنَ الْأَحْبَــابُ يَــا أُمَّ مَالِـكٍ
فَمَـا ظَعَـنَ الْحُـبُّ الَّـذِي فِـي فُؤَادِيَا
فَيَـا رَبِّ إِذْ صـَيَّرْتَ لَيْلَـى هِـيَ الْمُنَى
فَزِنِّــي بِعَيْنَيْهَـا كَمَـا زِنْتَهَـا لِيَـا
وَإِلَّا فَبَغِّضــــْهَا إِلَــــيَّ وَأَهْلَهَـــا
فَـإِنِّي بِلَيْلَـى قَـدْ لَقِيـتُ الـدَّوَاهِيَا
عَلَـى مِثْـلِ لَيْلَـى يَقْتُـلُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ
وَإِنْ كُنْـتُ مِنْ لَيْلَى عَلَى الْيَأْسِ طَاوِيَا
خَلِيلَــيَّ إِنْ ضــَنُّوا بِلَيْلَــى فَقَرِّبَـا
لِـيَ النَّعْـشَ وَالْأَكْفَـانَ وَاسْتَغْفِرَا لِيَا