ابن زيدون –
إِنّي ذَكَرتُكِ بِالزَّهْراءَ مُشتاقاً
وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ
كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا
وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ
كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا
يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت
بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا
نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ
جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا
كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي
بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا
وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ
فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا
سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ
وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا
كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا
إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا
لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ
فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا
لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى
وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى
لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم
لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا
يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى
نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا
كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ
مَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ أَطلاقا
فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ
سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحنُ عُشّاقا
ابن زيدون