أَبو تَمَّام –
أَفنى وَلَيلي لَيسَ يَفنى آخِرُه
هاتا مَوارِدُهُ فَأَينَ مَصادِرُه
نامَت عُيونُ الشامِتينَ تَيَقُّناً
أَن لَيسَ يَهجَعُ وَالهُمومُ تُسامِرُه
أَسرَ الفِراقُ عَزائَهُ وَنَأى الَّذي
قَد كانَ يَستَحيِيهِ إِذ يَستاسِرُه
لا شَيءَ ضائِرُ عاشِقٍ فَإِذا نَأى
عَنهُ الحَبيبُ فَكُلُّ شَيءٍ ضائِرُه
يا أَيُّهاذا السائِلي أَنا شارِحٌ
لَكَ غائِبي حَتّى كَأَنَّكَ حاضِرُه
إِنّي وَنَصراً وَالرِضا بِجِوارِهِ
كَالبَحرِ لا يَبغي سِواهُ مُجاوِرُه
ما إِن يَخافُ الخَذلَ مِن أَيّامِهِ
أَحَدٌ تَيَقَّنَ أَنَّ نَصراً ناصِرُه
يَفدي أَبا العَبّاسِ مَن لَم يَفدِهِ
مِن لائِميهِ جِذمُهُ وَعَناصِرُه
مُستَنفِرٌ لِلمادِحينَ كَأَنَّما
آتيهِ يَمدَحُهُ أَتاهُ يُفاخِرُه
ماذا تَرى فيمَن رَآكَ لِمَدحِهِ
أَهلاً وَصارَت في يَدَيكَ مَصايِرُه
قَد كابَرَ الأَحداثَ حَتّى كَذَّبَت
عَنهُ وَلَكِنَّ القَضاءَ يُكابِرُه
مُر دَهرَهُ بِالكَفِّ عَن جَنَباتِهِ
فَالدَهرُ يَفعَلُ صاغِراً ما تامُرُه
لا تَنسَ مَن لَم يَنسَ مَدحَكَ وَالمُنى
تَحتَ الدُجى يَزعُمنَ أَنَّكَ ذاكِرُه
اُبكُر فَقَد بَكَرَت عَلَيكَ بِمَدحِهِ
غُرَرُ القَصائِدِ خَيرُ أَمرٍ باكِرُه
لاقاكَ أَوَّلُهُ بِأَوَّلِ شِعرِهِ
فَأَهِب بِأَوَّلِهِ يَكُن لَكَ آخِرُه
لا شَيءَ أَحسَنُ مِن ثَنائِيَ سائِراً
وَنَداكَ في أُفقِ البِلادِ يُسايِرُه
وَإِذا الفَتى المَأمولُ أَنجَحَ عَقلَهُ
في نَفسِهِ وَنَداهُ أَنجَحَ شاعِرُه