من الشعر والأدب العربي

أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ

زهير بن أبي سلمى

أَمِــــن أُمِّ أَوفـــى دِمــنَــةٌ لَـــم تَــكَــلَّمِ

بِــــحَــومــانَــةِ الــــــدُرّاجِ فَــالــمُــتَــثَلَّمِ

وَدارٌ لَـــــهـــا بِــالــرَقــمَــتَينِ كَــــأَنَّــهــا

مَــراجِــعُ وَشـــمٍ فــي نَــواشِرِ مِــعصَمِ

بِــهــا الــعَــينُ وَالأَرآمُ يَــمــشينَ خِــلفَةً

وَأَطــلاؤُهــا يَــنهَضنَ مِــن كُــلِّ مَــجثِمِ

وَقَــفتُ بِــها مِــن بَــعدِ عِــشرينَ حِــجَّةً

فَــلَأيــاً عَــرَفــتُ الــدارَ بَــعدَ الــتَوَهُّمِ

أَثــافِــيَّ سُــفــعاً فـــي مُــعَرَّسِ مِــرجَلٍ

وَنُــؤيــاً كَــجِــذمِ الــحَــوضِ لَـــم يَــتَثَلَّمِ

فَــلَــمّا عَــرَفــتُ الـــدارَ قُــلتُ لِــرَبعِها

أَلا عِـــم صَــباحاً أَيُّــها الــرَبعُ وَاِســلَمِ

تَــبَصَّر خَــليلي هَــل تَــرى مِن ظَعائِنٍ

تَــحَــمَّلنَ بِــالــعَلياءِ مِـــن فَــوقِ جُــرثُمِ

عَــــلَــونَ بِــأَنــمــاطٍ عِــــتــاقٍ وَكِــــلَّــةٍ

وِرادٍ حَــواشــيــها مُــشــاكِــهَةِ الـــدَمِ

وَفــيــهِــنَّ مَــلــهىً لِــلــصَديقِ وَمَــنــظَرٌ

أَنــــيــقٌ لِــعَــيــنِ الــنــاظِــرِ الــمُــتَــوَسِّمِ

بَــكَــرنَ بُــكــوراً وَاِســتَــحَرنَ بِــسُحرَةٍ

فَــهُــنَّ لِـــوادي الــرَسِّ كَــاليَدِ لِــلفَمِ

جَــعَــلنَ الــقَــنانَ عَــن يَــمينٍ وَحَــزنَهُ

وَمَـــن بِــالــقَنانِ مِـــن مُــحِلٍّ وَمُــحرِمِ

ظَــهَــرنَ مِـــنَ الــسوبانِ ثُــمَّ جَــزَعنَهُ

عَــلــى كُـــلِّ قَــيــنِيٍّ قَــشــيبٍ مُــفَــأَّمِ

كَــأَنَّ فُــتاتَ الــعِهنِ فــي كُــلِّ مَنزِلٍ

نَــزَلــنَ بِـــهِ حَـــبُّ الــفَنا لَــم يُــحَطَّمِ

فَــلَــمّــا وَرَدنَ الــــمــاءَ زُرقـــاً جِــمــامُهُ

وَضَــعــنَ عِــصِــيَّ الــحــاضِرِ الــمُــتَخَيِّمِ

سَــعى ســاعِيا غَــيظِ بــنِ مُــرَّةَ بَعدَما

تَــــبَــزَّلَ مـــا بَــيــنَ الــعَــشيرَةِ بِــالــدَمِ

فَــأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ

رِجـــالٌ بَــنَــوهُ مِــن قُــرَيشٍ وَجُــرهُمِ

يَــمــيــناً لَــنِــعــمَ الــسَــيِّدانِ وُجِــدتُــما

عَــلى كُــلِّ حــالٍ مِــن سَــحيلٍ وَمُــبرَمِ

تَــدارَكــتُما عَــبــساً وَذُبــيــانَ بَــعــدَما

تَــفــانوا وَدَقّـــوا بَــيــنَهُم عِــطرَ مَــنشِمِ

وَقَــد قُــلتُما إِن نُــدرِكِ الــسِلمَ واسِــعاً

بِــمــالٍ وَمَــعــروفٍ مِــنَ الأَمــرِ نَــسلَمِ

فَــأَصــبَحتُما مِــنها عَــلى خَــيرِ مَــوطِنٍ

بَــعــيدَينِ فــيــها مِـــن عُــقوقٍ وَمَــأثَمِ

عَــظــيمَينِ فـــي عُــلــيا مَــعَدٍّ وَغَــيرِها

وَمَــن يَــستَبِح كَــنزاً مِــنَ المَجدِ يَعظُمِ

فَــأَصــبَحَ يَــجري فــيهُمُ مِــن تِــلادِكُم

مَــغــانِــمُ شَــتّــى مِـــن إِفـــالِ الــمُــزَنَّمِ

تُــعَــفّى الــكُــلومُ بِــالــمِئينَ فَــأَصبَحَت

يُــنَــجِّمُها مَـــن لَــيــسَ فــيــها بِــمُــجرِمِ

يُــنَــجِّــمُــها قَــــومٌ لِــــقَــومٍ غَــــرامَــةً

وَلَـــم يُــهَــريقوا بَــيــنَهُم مِــلءَ مِــحجَمِ

فَــمِن مُــبلِغُ الأَحــلافِ عَــنّي رِسالَةً

وَذُبــيــانَ هَــل أَقــسَمتُمُ كُــلَّ مُــقسَمِ

فَـــلا تَــكتُمُنَّ الــلَهَ مــا فــي نُــفوسِكُم

لِــيَــخفى وَمَــهــما يُــكــتَمِ الــلَــهُ يَــعــلَمِ

يُــؤَخَّــر فَــيــوضَع فــي كِــتابٍ فَــيُدَّخَر

لِــيَــومِ الــحِــسابِ أَو يُــعَــجَّل فَــيُنقَمِ

وَمـــا الــحَــربُ إِلّا مــا عَــلِمتُم وَذُقــتُمُ

وَمـــا هُـــوَ عَــنــها بِــالحَديثِ الــمُرَجَّمِ

مَــــتــى تَــبــعَــثوها تَــبــعَثوها ذَمــيــمَةً

وَتَـــضـــرَ إِذا ضَــرَّيــتُــموها فَــتَــضــرَمِ

فَــتَــعــرُكُّمُ عَـــركَ الــرَحــى بِــثِــفالِها

وَتَــلــقَح كِــشــافاً ثُـــمَّ تَــحــمِل فَــتُتئِمِ

فَــتُــنتَج لَــكُــم غِــلــمانَ أَشــأَمَ كُــلُّهُم

كَــأَحــمَرِ عـــادٍ ثُـــمَّ تُــرضِع فَــتَفطِمِ

فَــتُــغلِل لَــكُــم مـــا لا تُــغِــلُّ لِأَهــلِها

قُـــرىً بِــالعِراقِ مِــن قَــفيزٍ وَدِرهَــمِ

لَــعَــمري لَــنِــعمَ الــحَــيُّ جَـــرَّ عَــلَيهِمُ

بِــمــا لا يُــواتيهِم حُــصَينُ بــنُ ضَــمضَمِ

وَكــانَ طَــوى كَــشحاً عَــلى مُــستَكِنَّةٍ

فَــــلا هُـــوَ أَبــداهــا وَلَـــم يَــتَــجَمجَمِ

وَقـــالَ سَــأَقــضي حــاجَتي ثُــمَّ أَتَّــقي

عَـــدُوّي بِــأَلفٍ مِــن وَرائِــيَ مُــلجَمِ

فَــشَــدَّ وَلَـــم تَــفــزَع بُــيــوتٌ كَــثيرَةٌ

لَــدى حَــيثُ أَلــقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ

لَــدى أَسَــدٍ شــاكي الــسِلاحِ مُقَذَّفٍ

لَــــهُ لِــــبَــدٌ أَظــــفــارُهُ لَــــم تُــقَــلَّــمِ

جَـــريءٍ مَــتــى يُــظلَم يُــعاقِب بِــظُلمِهِ

سَــريــعــاً وَإِلّا يُــبــدَ بِــالــظُلمِ يَــظــلِمِ

رَعَــوا مــا رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا

غِــــمــاراً تَــســيلُ بِــالــرِماحِ وَبِــالــدَمِ

فَــقَــضَّوا مَــنــايا بَــيــنَهُم ثُــمَّ أَصــدَروا

إِلــــى كَــــلَأٍ مُــســتَــوبِلٍ مُــتَــوَخَّمِ

لَــعَمرُكَ مــا جَــرَّت عَــلَيهِم رِمــاحُهُم

دَمَ اِبــــنِ نَــهــيكٍ أَو قَــتــيلِ الــمُــثَلَّمِ

وَلا شــارَكوا فــي الــقَومِ في دَمِ نَوفَلٍ

وَلا وَهَـــبٍ مِــنــهُم وَلا اِبـــنِ الــمُحَزَّمِ

فَــكُــلّاً أَراهُـــم أَصــبَــحوا يَــعقِلونَهُم

عُــلالَــةَ أَلـــفٍ بَــعــدَ أَلـــفٍ مُــصَتَّمِ

تُــســاقُ إِلـــى قَـــومٍ لِــقَــومٍ غَــرامَــةً

صَــحــيحاتِ مـــالٍ طــالِــعاتٍ بِــمَخرِمِ

لِــحَيٍّ حِــلالٍ يَــعصِمُ الــناسَ أَمــرُهُم

إِذا طَــلَــعَت إِحــدى الــلَيالي بِــمُعظَمِ

كِـــرامٍ فَـــلا ذو الــوِترِ يُــدرِكُ وِتــرَهُ

لَــدَيــهِم وَلا الــجــاني عَــلَــيهِم بِــمُــسلَمِ

سَــئِمتُ تَــكاليفَ الــحَياةِ وَمَــن يَعِش

ثَــمــانينَ حَـــولاً لا أَبـــا لَـــكَ يَــسأَمِ

رَأَيــتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب

تُــمِــتهُ وَمَـــن تُــخــطِئ يُــعَــمَّر فَــيَهرَمِ

وَأَعــلَــمُ عِــلــمَ الــيَومِ وَالأَمــسِ قَــبلَهُ

وَلَــكِنَّني عَــن عِــلمِ مــا فــي غَــدٍ عَمي

وَمَـــن لا يُــصانِع فــي أُمــورٍ كَــثيرَةٍ

يُــضَــرَّس بِــأَنــيابٍ وَيــوطَــأ بِــمَــنسِمِ

وَمَــن يَــكُ ذا فَــضلٍ فَــيَبخَل بِفَضلِهِ

عَــلــى قَــومِــهِ يُــســتَغنَ عَــنهُ وَيُــذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ

يَــفِــرهُ وَمَـــن لا يَــتَّــقِ الــشَتمَ يُــشتَمِ

وَمَــن لا يَــذُد عَــن حَــوضِهِ بِسِلاحِهِ

يُــهَــدَّم وَمَــن لا يَــظلِمِ الــناسَ يُــظلَمِ

وَمَـــن هـــابَ أَســبابَ الــمَنِيَّةِ يَــلقَها

وَلَــــو رامَ أَســبــابَ الــسَــماءِ بِــسُــلَّمِ

وَمَــن يَــعصِ أَطــرافَ الــزُجاجِ فَــإِنَّهُ

يُــطــيعُ الــعَوالي رُكِّــبَت كُــلَّ لَــهذَمِ

وَمَــن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ

إِلــــى مُــطــمَــئِنِّ الــبِــرِّ لا يَــتَــجَمجَمِ

وَمَــن يَــغتَرِب يَــحسِب عَــدُوّاً صَديقَهُ

وَمَــــن لا يُــــكَــرِّم نَــفــسَهُ لا يُــكَــرَّمِ

وَمَــهما تَــكُن عِــندَ اِمــرِئٍ مِن خَليقَةٍ

وَإِن خــالَها تَــخفى عَــلى الــناسِ تُــعلَمِ

وَمَــن لا يَــزَل يَــستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ

وَلا يُــغــنِها يَــومــاً مِــنَ الــدَهرِ يُــسأَمِ


لـ زهير بن أبي سلمى

قد يعجبك ايضا
اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد