ما عَهِدنا كَذا نَحيبَ المَشوقِ
أَبو تَمَّام –
ما عَهِدنا كَذا نَحيبَ المَشوقِ
كَيفَ وَالدَمعُ آيَةُ المَعشوقِ
فَأَقِلّا التَعنيفَ إِنَّ غَراماً
أَن يَكونَ الرَفيقُ غَيرَ رَفيقِ
وَاِستَميحا الجُفونَ دِرَّةُ دَمعٍ
في دُموعِ الفِراقِ غَيرِ لَصيقِ
إِنَّ مَن عَقَّ والِدَيهِ لِمَلعونٌ
وَمَن عَقَّ مَنزِلاً بِالعَقيقِ
فَقِفا العيسَ مُلقِياتِ المَثاني
في مَحَلِّ الأَنيقِ مَغنى الأَنيقِ
إِن يَكُن رَثَّ مِن أُناسٍ بِهِم كانَ
يُداوى شَوقي وَيَسلُسُ ريقي
هُم أَماتوا صَبري وَهُم فَرَّقوا نَفسي
مِنهُم في إِثرِ ذاكَ الفَريقِ
إِنَّ في خَيمِهِم لَمُفعَمَةَ الحِجلَينِ
وَالمَتنُ مَتنُ خوطٍ وَريقِ
وَهيَ لا عَقدُ وُدِّها ساعَةَ البَينِ
وَلا عَقدُ خَصرِها بِوَثيقِ
وَكَأَنَّ الجَريالَ يَجري بِماءِ الدُرِّ
في خَدِّها وَماءِ العَقيقِ
وَهِيَ كَالظَبيَةِ النَوارِ وَلَكِن
رُبَّما أَمكَنَت جَناةُ السَحوقِ
رُمِيَت مِن أَبي سَعيدٍ صَفاةُ الرومِ
جَمعاً بِالصَيلَمِ الخَنفَقيقِ
بِالأَسيلِ الغِطريفِ وَالذَهَبِ الإِبريزِ
فينا وَالأَروَعِ الغِرنيقِ
في كُماةٍ يُكسَونَ نَسجَ السَلوقِيِّ
وَتَغدو بِهِم كِلابُ سَلوقِ
يَتَساقَونَ في الوَغى كَأسَ مَوتٍ
وَهيَ مَوصولَةٌ بِكَأسِ رَحيقِ
وَطِئَت هامَةَ الضَواحي إِلى أَن
أَخَذَت حَقَّها مِنَ الفَيدوقِ
أَلهَبَتها السِياطُ حَتّى إِذا اِستَنَّت
بِإِطلاقِها عَلى الناطَلوقِ
سَنَّها شُزَّباً فَلَمّا اِستَباحَت
بِالقُبُلّاتِ كُلَّ سَهبٍ وَنيقِسارَ
مُستَقدِماً إِلى البَأسِ يُزجي
رَهَجاً باسِقاً إِلى الإِبسيقِ
ناصِحاً لِلمَليكِ وَالمَلِكِ القائِمِ
وَالمُلكِ غَيرَ نُصحِ مَذيقِ
وَقَديماً ما اِستُنبِطَت طاعَةُ الخالِقِ
إِلّا مِن طاعَةِ المَخلوقِ
ثُمَّ أَلقى عَلى دَرَولِيَةَ البَركَ
مُحِلّاً بِاليُمنِ وَالتَوفيقِ
فَحَوى سوقَها وَغادَرَ فيها
سوقَ مَوتٍ طَمَت عَلى كُلِّ سوقِ
فَهُمُ هارِبونَ بَينَ حَريقِ السَيفِ
صَلتاً وَبَينَ نارِ الحَريقِ
واجِداً بِالخَليجِ ما لَم يَجِد قَطُّ
بِما شانَ لا وَلا بِالرَزيقِ
لَم يَعُقهُ بَعدَ المَقاديرِ عَنهُ
غَيرُ سِترٍ مِنَ البِلادِ رَقيقِ
وَلَوَ اَنَّ الجِيادَ لَم تَعصِهِ كانَ
لَدَيهِ غَيرَ البَعيدِ السَحيقِ
وَقعَةٌ زَعزَعَت مَدينَةَ قُسطَنطينَ
حَتّى اِرتَجَّت بِسورِ فُروقِ
وَوَحَقِّ القَنا عَلَيهِ يَميناً
هِيَ أَمضى مِنَ الحُسامِ الفَتيقِ
أَن لَو اَنَّ الذِراعَ شَدَّت قُواها
عَضُدٌ أَو أُعينَ سَهمٌ بِفوقِ
ما رَأى قُفلَها كَما زَعَموا قُفلاً
وَلا البَحرَ دونَها بِعَميقِ
غَيرُ ضَنكِ الضُلوعِ في ساعَةِ الرَوعِ
وَلا ضَيِّقٌ غَداةَ المَضيقِ
ذاهِبُ الصَوتِ ساعَةَ الأَمرِ وَالنَهيِ
إِذا قَلَّ ثُمَّ هَدرُ الفَنيقِ
كَم أَسيرٍ مِن سِرِّهِم وَقَتيلٍ
رادِعِ الثَوبِ مِن دَمٍ كَالخَلوقِ
يَستَغيثُ البِطريقَ جَهلاً وَهَل تَطلُبُ
إِلّا مُبَطرِقَ البِطريقِ
وَأَخيذٍ رَأى المَنِيَّةَ حَتّى
قالَ بِالصِدقِ وَهوَ غَيرُ صَدوقِ
قامَ بِالحَقِّ يَخطُبُ الخَلقَ وَالأَشقى
لَعَمري بِالحَقِّ غَيرُ حَقيقِ
ناصِحٌ وَهوَ غَيرُ جِدِّ نَصيحٍ
مُشفِقٌ وَهوَ غَيرُ جِدِّ شَفيقِ
بَرَّ حَتّى عَقَّ الأَقارِبَ إِنَّ البِرَّ
بِالدَينِ تَحتَ ذاكَ العُقوقِ
فَفَدى نَفسَهُ بِكُلِّ شَوارٍ
وَصَهيلٍ في أَرضِهِ وَنَهيقِ
مِن مَتاعِ المُلكِ الَّذي يُمتِعُ العَينَ
بِهِ ثُمَّ مِن رَقيقِ الرَقيقِ
لَم تَبِعهُم مِنهُم كِباراً وَلا صَدَّعتَ
حَبَّ القُلوبِ بِالتَفريقِ
ثُمَّ ناهَضتَ في الغُلولِ رِجالاً
وَرِجالاً بِالضَربِ وَالتَحريقِ
فَرقُ ما بَينَهُم وَبَينَ ذَوي الإِشراكِ
كَالفَرقِ بَينَ نوكٍ وَموقِ
أَيُّ شَيءٍ إِلّا الأَمانِيُّ بَينَ الكُفرِ
لَو فَكَّروا وَبَينَ الفُسوقِ
وَبَوادي عَقَرقُسٍ لَم تُعَرِّد
عَن رَسيمٍ إِلى الوَغى وَعَنيقِ
جَأَرَ الدينُ وَاِستَغاثَ بِكَ الإِس
لامُ لِلنَصرِ مُستَغاثَ الغَريقِ
يَومُ بَكرِ بنِ وائِلٍ بِقِضاتٍ
دونَ يَومِ المُحَمَّرِ الزِنديقِ
يَومُ حَلقِ اللِمّاتِ ذاكَ وَهَذا ال
يَومُ في الرومِ يَومُ حَلقِ الحُلوقِ
أَطعَمَ السَيفَ نِصفَهُم وَرَمى النِصفَ
بِرَأيٍ صافي النِجارِ عَريقِ
وَأَصاخوا كَأَنَّما كانَ يَرمي
هِم بِذاكَ التَدبيرِ مِن مَنجَنيقِ
فَوَرَبِّ البَيتِ العَتيقِ لَقَد طَحطَحتَ
مِنهُم رُكنَ الضَلالِ العَتيقِ
سَرَقوهُم مِنَ السُيوفِ وَمِن سُمرِ
العَوالي لَيالِيَ الساروقِ
كَرُمَت غَزوَتاكَ بِالأَمسِ وَالخَيلُ
دِقاقٌ وَالخَطبُ غَيرُ دَقيقِ
حينَ لا جِلدَةُ السَماءِ بِخَضراءَ
وَلا وَجهُ شَتوَةٍ بِطَليقِ
أَورَثَت صاغِرى صَغاراً وَرَغماً
وَقَضَت أَو قَضى قُبَيلَ الشُروقِ
كَم أَفاءَت مِن أَرضِ قُرَّةَ مِن قُرَّةِ
عَينٍ وَرَبرَبٍ مَرموقِ
ثُمَّ آبَت وَأَنتَ خَوفَ الغَمامِ الغَطِّ
ذو فِكرَةٍ وَقَلبٍ خَفوقِ
لا تُبالي بَوارِقَ البيضِ وَالسُمرِ
وَلَكِن بالَيتَ لَمعَ البُروقِ
تَشنَأُ الغَيثَ وَهوَ حَقُّ حَبيبٍ
رُبَّ حَزمٍ في بِغضَةِ المَوموقِ
لَم تَخَوَّف ضَرَّ العَدُوِّ وَلا بَغياً
وَلَكِن تَخافُ ضَرَّ الصَديقِ
إِنَّ أَيّامَكَ الحِسانَ مِنَ الرَومِ
لَحُمرُ الصَبوحِ حُمرُ الغَبوقِ
مُعلَماتٌ كَأَنَّها بِالدَمِ المُهراقِ
أَيّامُ النَحرِ وَالتَشريقِ
فَإِلَيكُم بَني الضَغائِنَ عَن ساكِن
بَينِ السِماكِ وَالعَيّوقِ
النَقِيِّ الوِلادَةِ الطَيِّبِ التُربَةِ
وَالمُستَنيرِ مَسرى العُروقِ
لا يَجوزُ الأُمورَ صَفحاً وَلا يُر
قِلُ إِلّا عَلى سَواءِ الطَريقِ
فَتَناهَوا إِنَّ الخَليقَ مِنَ القَومِ
لِذاكَ الفَعالِ غَيرُ خَليقِ
مَلَكَت مالَهُ المَعالي فَما تَلقاهُ
إِلّا فَريسَةً لِلحُقوقِ
يَقِظٌ وَهوَ أَكثَرُ الناسِ إِغضاءً
عَلى نائِلٍ لَهُ مَسروقِ
أَنا وَلهانُ في وِدادِكَ ما عِشتُ
وَنَشوانُ فيكَ غَيرُ مُفيقِ
راحَتي في الثَناءِ ما بَقِيَت لي
فَضلَةٌ مِن لِسانِيَ المَفتوقِ
فَاِغنِ بِالنِعمَةِ الَّتي هِيَ كَالحَوراءِ
لا فارِكٍ وَلا بِعَلوقِ
بَعلُها يَأمَنُ النُشوزَ عَلَيها
وَهيَ في مَعقِلٍ مِنَ التَطليقِ