البُحْتُري –
لَبَّيتُ فيكِ الشَوقَ حينَ دَعاني
وَعَصَيتُ نَهيَ الشَيبِ حينَ نَهاني
وَزَعَمتِ أَنّي لَستُ أَصدُقُ في الَّذي
عِندي مِنَ البُرَحاءِ وَالأَشجانِ
أَوَماكَفاكِ بِدَمعِ عَيني شاهِداً
بِصَبابَتي وَمُخَبِّراً عَن شاني
تَمضي اللَيالي وَالشُهورُ وَحُبُّنا
باقٍ عَلى قِدَمِ الزَمانِ الفاني
قَمَرٌ مِنَ الأَقمارِ وَسطَ دُجُنَّةٍ
يَمشي بِهِ غُصنٌ مِنَ الأَغصانِ
رُمتُ التَسَلّي عَن هَواهُ فَلَم يَكُن
لِيَ بِالتَسَلّي عَن هَواهُ يَدانِ
وَأَرَدتُ هِجرانَ الحَبيبِ فَلَم أَجِد
كَبِداً تُشَيِّعُني عَلى الهِجرانِ
أَرَبيعَةَ الفَرَسِ اِشكُري يَدَ مُنعِمٍ
وَهَبَ الإِساءَةَ لِلمُسيءِ الجاني
رَوَّعتُمُ جاراتِهِ فَبَعَثتُمُ
مِنهُ حَمِيَّةَ آنِفٍ غَيرانِ
لَم تَكرَ عَن قاصي الرَعِيَّةِ عَينُهُ
فَيَنامَ عَن وِترِ القَريبِ الداني
ضاقَت بِأَسعَدِ أَرضِها لَمّا رَمى
ساحاتِها بِالرَجلِ وَالفُرسانِ
بِفَوارِسٍ مِثلِ الصُقورِ وَضُمَّرٍ
مَجدولَةٍ كَكَواسِرِ العُقبانِ
لَمّا رَأَوا رَهَجَ الكَتائِبِ ساطِعاً
قالوا الأَمانَ وَلاتَ حينَ أَمانِ
يَئِلونَ مِن حَرِّ الحَديدِ وَخَلفَهُم
شُعَلُ الظُبا وَشَواجِرُ الخِرصانِ
يَومٌ مِنَ الأَيّامِ طالَ عَلَيهِم
فَكَأَنَّهُ زَمَنٌ مِنَ الأَزمانِ
أُيِّدتَ بِالنَصرِ الوَشيكِ وَأُتبِعوا
في ساعَةِ الهَيجاءِ بِالخِذلانِ
راموا النَجاةَ وَكَيفَ تَنجو عُصبَةٌ
مَطلوبَةٌ بِاللَهِ وَالسُلطانِ
جاءَتكَ أَسرى في الحَديدِ أَذِلَّةً
مَشدودَةَ الأَيدي إِلى الأَذقانِ
فَاِفكُك جَوامِعَهُم بِمَنِّكَ إِنَّها
سُمِرَت عَلى أَيدي نَدىً وَطِعانِ
لَكَ في بَني غَنمِ بنِ تَغلِبَ نِعمَةٌ
فَهَلُمَّ أُخرى في بَني شَيبانِ
أَعمامُ نُتلَةَ أُمِّكُم وَهيَ الَّتي
شَرُفَت وَإِخوَةُ عامِرِ الضَحيانِ
نَمرِيَّةٌ وَلَدَت لَكُم أُسدَ الشَرى
وَالنَمرُ بَعدُ وَوائِلٌ أَخَوانِ
مَن شاكِرٌ عَنّي الخَليفَةَ في الَّذي
أَولاهُ مِن طَولٍ وَمِن إِحسانِ
حَتّى لَقَد أَفضَلتُ مِن أَفضالِهِ
وَرَأَيتُ نَهجَ الجودِ حينَ أَراني
مَلَأَت يَداهُ يَدي وَشَرَّدَ جودُهُ
بُخلي فَأَفقَرَني كَما أَغناني
وَوَثَقتُ بِالخَلَفِ الجَميلِ مُعَجَّلاً
مِنهُ فَأَعطَيتُ الَّذي أَعطاني