من الشعر والأدب العربي

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ

امرؤ القيس

قِـفَا نَـبْكِ مِـنْ ذِكْـرَى حَـبِيْبٍ وَمَـنْزِلِ

بِـسِقْطِ الـلِّوَى بَـيْنَ الـدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَـتُوْضِحَ فَـالمِقْرَاةِ لـم يَـعْفُ رَسْـمُهَا

لِـمَـا نَـسَـجَتْهَا مِـنْ جَـنُوبٍ وَشَـمْأَلِ

تَـــرَى  بَــعَـرَ الأرْآمِ فـــي عَـرَصَـاتِـهَا

وَقِـيْـعَـانِـهَـا كَـــأَنَّــهُ حَــــبُّ فُــلْـفُـلِ

كَـأَنِّـيْ غَــدَاة َ الـبَـيْنِ يَــوْمَ تَـحَـمَّلُوا 

لَـدَى سَـمُرَاتِ الـحَيِّ نَـاقِفُ حَـنْظَلِ

وُقُـوْفًـا بِـهَـا صَـحْـبِيْ عَـليََّ مَـطِيَّهُمْ

يَـقُـولُـونَ لا تَـهْـلِـكْ أَسًــى وَتَـجَـمَّلِ

وَإِنَّ  شِــفَــائِـيْ عَـــبْــرَةٌ مَــهَــراقَـةٌ

فـهَـلْ عِـنْدَ رَسْـمٍ دَارِسٍ مِـنْ مُـعَوَّلِ

كَــدَأْبِـكَ مِـــنْ أُمِّ الـحُـوَيْـرِثِ قَـبْـلَـهَا

وَجَــارَتِــهَـا  أُمِّ الـــرَّبَــابِ بِــمَــأْسَـلِ

فَـفَـاضَتْ دُمُـوعُ الـعَيْنِ مِـنِّيْ صَـبَابَةً 

عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي

أَلا  رُبَّ يَــــوْمٍ لَــــكَ مِـنْـهُـنَّ صَــالِـحٍ

وَلا  سِــيَّـمَـا يَــــوْمٌ بِـــدَارَةِ جُـلْـجُـلِ

وَيَـــوْمَ عَــقَـرْتُ لِـلْـعَـذَارَى مَـطِـيَّتِيْ

فَـيَـا  عَـجَـبًا مِــنْ رَحْـلِـهَا الـمُـتَحَمَّلِ

يَــظَـلُّ الــعَـذَارَى يَـرْتَـمِـيْنَ بِـلَـحْمِهَا 

وَشَـحْـمٍ كَـهُـدَّابِ الـدِّمَقْسِ الـمُفَتَّلِ

وَيَــوْمَ دَخَـلْـتُ الـخِـدْرَ خِــدْرَ عُـنَـيْزَةٍ

فَـقَـالَتْ لَــكَ الـوَيْـلاتُ إِنَّـكَ مُـرْجِلِي

تَـقُـولُ  وَقَــدْ مَــالَ الـغَـبِيْطُ بِـنَـا مَـعًا 

عَـقَرْتَ بَـعِيْرِيْ يَـا امْـرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَـقُـلْتُ لَـهَـا سِـيْرِيْ وَأَرْخِـي زِمَـامَهُ

وَلا تُـبْـعِـدِيني مِــنْ جَـنَـاكِ الـمُـعَلِّلِ

فَـمِـثْلِكِ حُـبْلَى قَـدْ طَـرَقْتُ ومُـرْضِعًا 

فَـأَلْـهَـيْتُهَا  عَـــنْ ذِيْ تَـمَـائِمَ مُـغْـيَلِ

إذا مـا بَـكَى مِـنْ خَـلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ 

بِــشِـقٍّ وَشِـــقٌّ عِـنْـدَنَا لــم يُـحَـوَّلِ

وَيَـوْمًـا عَـلَـى ظَـهْـرِ الـكَثِيْبِ تَـعَذَّرَتْ 

عَــلَـيَّ  وَآلَـــتْ حَـلْـفَـةً لـــم تَـحَـلَّلِ

أَفَــاطِـمُ مَـهْـلاً بَـعْـضَ هــذا الـتَّـدَلُّلِ 

وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صَرْمِيْ فَأَجْمِلِي

وَإنْ كـنتِ قَـدْ سَـاءَتْكِ مِـنِّيْ خَـليْقَةٌ 

فَـسُـلِّيْ ثِـيَـابِيْ مِــنْ ثِـيَابِكِ تَـنْسُلِ

أَغَــــرَّكِ  مِــنِّــيْ أَنَّ حُــبَّـكِ قَـاتِـلِـي

وَأَنَّــكِ مَـهْـمَا تَـأْمُـرِي الـقَـلْبَ يَـفْعَلِ

وَمَـــا  ذَرَفَـــتْ عَـيْـناكِ إِلا لِـتَـقْدَحِي 

بِـسَهْمَيْكِ فـي أَعْـشَارِ قَـلْبٍ مُـقَتَّلِ

وَبَــيْـضَـةِِ خِــــدْرٍ لا يُــــرَامُ خِـبَـاؤُهَـا 

تَـمَـتَّعْتُ مِــنْ لَـهْـوٍٍ بِـهَا غَـيْرَ مُـعْجَلِ

تَـجَـاوَزْتُ  أَحْـرَاسًـا وَأَهْــوَالَ مَـعْشَرٍاً 

عَـلَـيَّ حِــرَاصٍ لَــوْ يُـشِرُّونَ مَـقْتَلِي

إذا مــا الـثُّرَيَّا فـي الـسَّمَاءِ تَـعَرَّضَتْ 

تَــعَـرُّضَ أَثْــنَـاءِ الــوِشَـاحِ الـمُـفَـصَّلِ

فَـجِـئْـتُ  وَقَـــدْ نَـضَـتْ لـنَـوْمٍ ثِـيَـابَهَا 

لَــدَى الـسِّـتْرِ إِلاَّ لِـبْـسَةَ الـمُـتَفَضِّلِ

فَـقَـالَـتْ يَـمُـيْنَ اللهَ مــا لَــكَ حِـيْـلَةٌ

وَمَــا إِنْ أَرَى عَـنْـكَ الـعَمَايَةَ تَـنْجَلِي

خَـرَجْـتُ بِـهَـا تَـمْـشِيْ تَـجُـرُّ وَرَاءَنَــا 

عَــلَـى  أثَـرَيْـنَـا ذَيْـــلَ مِــرْطٍ مُـرَحَّـلِ

فَـلَـمَّا أَجَـزْنَا سَـاحَةَ الـحَيِّ وَانْـتَحَى

بِـنَـا بَـطْـنُ حِـقْفٍ ذِيْ رُكَـامٍ عَـقَنْقَلِ

إِذَا الـتَـفَـتَتْ نَــحْـوِيْ تَـضَـوَّعَ رِيْـحُـهَا 

نَـسِـيْمَ الـصَّـبَا جَــاءَتْ بِـرَيَّا الـقَرَنْفُلِ

إِذَا قُــلْـتُ هَـاتِـيْ نَـوِّلِـيْنِيْ تَـمَـايَلَتْ 

عَـلَيَّ هَـضِيْمَ الـكَشَحِ رَيَّـا المُخَلْخَلِ

مُـهَـفْـهَـفَةٌ  بَــيْـضَـاءُ غَــيْـرُ مُـفـاضَـةٍ

تَـرَائِـبُـهَـا  مَـصْـقُـوْلَـةٌ كَـالـسَّـجَـنْجَلِ

كِــبِـكْـرِ  مُــقَـانَـاةِ الـبَـيَـاضِ بِـصُـفْـرَةٍ

غَـذَاهَـا نَـمِـيْرُ الـمَـاءِ غَـيْـرِ الـمُـحَلَّلِِ

تَـصُـدُّ  وَتُـبْـدِيْ عَــنْ أَسِـيْـلٍ وَتَـتَّقِيْ

بِـنَـاظِرَةٍ مِــنْ وَحْــشِ وَجْـرَةَ مُـطْفِلِ

وَجِـيْـدٍ كَـجِـيْدِ الـرِّئْمِ لَـيْسَ بِـفَاحِشٍ

إِذَا  هِــــــيَ نَــصَّــتْـهُ وَلا بِــمُـعَـطَّـلِ

وَفَــرْعٍ يُـغَشِّي الـمَتْنَ أَسْـودَ فَـاحِمٍ

أَثِــيْــثٍ كَـقِـنْـوِ الـنَّـخْـلَةِ الـمُـتَـعَثْكِلِ

غَــدَائِـرُهُ مُـسْـتَشْزِرَاتٌ إلــى الـعُـلا

تَـضِلُّ الـمَدَارَى فـي مُـثَنًى وَمُرْسَلِ

وَكَــشْـحٍ  لَـطِـيْفٍ كَـالـجَدِيْلِ مُـخَـصَّرٍ 

وَسَــاقٍ كَـأُنْـبُوبِ الـسَّـقِيِّ الـمُـذَلَّلِ

وَتَـعْـطُو  بِـرَخْـصٍ غَـيْـرِ شَـثْـنٍ كَـأَنَّـهُ

أَسَـارِيْـعُ ظَـبْيٍ أَوْ مَـسَاوِيْكُ إِسْـحِلِ

تُــضِـيءُ الــظَّـلامَ بِـالـعِـشَاءِ كَـأَنَّـهَـا

مَــنَــارَةُ مُـمْـسَـى رَاهِـــبٍ مُـتَـبَـتِّلِ

وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا

نَـؤُوْمُ الـضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ

إِلـــى مِـثْـلِهَا يَـرْنُـو الـحَـلِيْمُ صَـبَـابَةً 

إِذَا مــا اسْـبَـكَرَّتْ بَـيْـنَ دِرْعٍ ومِـجْوَلِ

تـسلت عـمايات الـرجالِ عـن الـصّبا 

ولـيسَ صِـبايَ عـن هـواها بـمنسل

ألا  رُبّ خَــصْـمٍ فــيـكِ ألْــوَى رَدَدتُــه

نـصـيـح عـلـى تـعـذَاله غـيـر مـؤتـل

ولـيـل كـمـوج الـبحر أرخـى سـدولهُ 

عــلــيَّ  بــأنـواع الـهـمـوم لـيـبـتلي

فَـقُـلْـتُ لَـــهُ لــمـا تَـمَـطّـى بـجـوزه

وأردف أعـــجـــازا ونــــــاء بــكـلـكـل

ألا أيّـهـا الـلّـيلُ الـطّـويلُ ألا انْـجَـلي

بـصُـبْحٍ  ومــا الإصْـبـاحَ فـيـك بـأمـثَلِ

فــيـا لـــكَ مــن لـيـلْ كــأنَّ نـجـومهُ

بــكـل مـغـار الـفـتل شــدت بـيـذبل

كــأنَّ الـثـريا عـلـقت فــي مـصـامها

بـأمْـراسِ  كـتّـانٍ إلــى صُــمّ جَـنـدَلِ

وَقَــدْ  أغْـتَـدي وَالـطّـيرُ فـي وُكـنُاتُها

بـمـنـجـردٍ  قــيــدِ الأوابــــدِ هــيـكـلِ

مِــكَــرٍّ  مــفــرٍّ مُـقْـبِـلٍ مُــدْبِـرٍ مــعًـا

كـجلمودِ صخْر حطه السيل من علِ

كـمـيت يــزل الـلبد عـن حـال مـتنه

كــمــا زَلّــــتِ الــصَّـفْـواءُ بـالـمُـتَنَزّلِ

مـسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى

أثــــرنَ  غــبــارًا بـالـكـديـد الـمـركـل

عـلى الـعقبِ جـيَّاش كـأن اهـتزامهُ

إذا جــاش فـيه حـميُه غَـليُ مِـرْجلِ

يـطـيرُ الـغـلامُ الـخـفُّ عــن صـهواته

وَيُــلْـوي  بــأثْـوابِ الـعَـنـيفِ الـمُـثقَّلِ

دَريــــرٍ  كَــخُــذْروفِ الــوَلـيـدِ أمَــــرّهُ 

تــقــلـبُ  كــفـيـهِ بــخـيـطٍ مُــوصــلِ

لـــهُ  أيــطـلا ظـبـيٍ وسـاقـا نـعـامة

وإرخـــاء ســرحـانٍ وتـقـريـبُ تـتـفلِ

كـأن عـلى الـكتفين مـنه إذا انتحى

مَـــداكَ عَـــروسٍ أوْ صَـريـة َ حـنـظلِ

وبــــاتَ عَــلَـيْـهِ سَــرْجُــهُ وَلـجـامُـهُ

وبــاتَ بـعـيني قـائـمًا غـيـر مـرسـل

فــعــنَّ لــنـا ســـربٌ كـــأنَّ نـعـاجَـه

عَـــذارَى دَوارٍ فــي الـمُـلاءِ الـمُـذَيَّلِ

فــأدبـرنَ  كـالـجـزع الـمـفـصل بـيـنه

بـجـيدِ مُـعَـمٍّ فـي الـعَشيرَة ِ مُـخْوَلِ

فــألـحَـقَـنـا  بــالــهـادِيـاتِ وَدُونَــــــهُ

جـواحِـرهـا  فـــي صــرة ٍ لــم تـزيَّـل

فَــعـادى عِـــداءً بَـيـنَ ثَــوْرٍ وَنَـعْـجَة 

دِراكًــا  ولــم يَـنْـضَحْ بـمـاءٍ فـيُـغسَلِ

فـظلّ طُـهاة ُ الـلّحمِ مـن بينِ مُنْضِجٍ 

صَــفـيـفَ شِـــواءٍ أوْ قَــديـرٍ مُـعَـجَّـلِ

ورُحـنـا وراحَ الـطـرفُ يـنـفض رأســه

مـتـى مــا تَـرَقَّ الـعينُ فـيه تـسهل

كـــــأنَّ  دمــــاءَ الــهـاديـاتِ بــنـحـره

عُــصــارة  ُ حِــنّـاءٍ بـشَـيْـبٍ مُــرْجّـلِ

وأنـــتَ إذا اسـتـدبـرتُه ســدَّ فـرجـه

بـضـاف  فـويـق الأرض لـيـس بـأعزل

أحـــار  تـــرى بــرقًـا كـــأن ومـيـضـه

كـلـمع الـيـدينِ فــي حـبـي مُـكـلل

يُــضـيءُ سَـنـاهُ أوْ مَـصَـابيحُ راهِــبٍ 

أهـان  الـسليط فـي الـذَّبال الـمفتَّل

قَـعَـدْتُ  لَــهُ وَصُـحْـبَتي بـيـنَ حـامـر 

وبــيــن  إكــــام بــعــد مـــا مـتـأمـل

وأضـحى يـسحُّ الـماء عـن كل فيقة

يـكـبُّ عـلـى الأذقــان دوحَ الـكنهبل

وتـيـماءَ  لــم يـتـرُك بـها جِـذع نـخلة

وَلا  أُطُـــمًــا إلا مَــشــيـدًا بــجَـنْـدَلِ

كــــأن  طــمـيـة الـمـجـيـمر غـــدوةً 

مــن الـسَّـيلِ والـغـثاء فَـلكة ُ مِـغزَلِ

كــــأنَّ  أبــانًـا فـــي أفـانـيـنِ ودقـــهِ 

كَـبـيـرُ  أُنـــاسٍ فـــي بِــجـادٍ مُـزَمَّـلِ

وَألْــقـى بـصَـحْـراءِ الـغَـبـيطِ بَـعـاعَـهُ 

نــزول الـيماني ذي الـعياب الـمخوَّل

كـــأنّ  سـبـاعًا فـيـهِ غَـرْقَـى غـديـة 

بِـأرْجـائِهِ  الـقُـصْوى أنـابـيشُ عُـنْصُلِ

عـلـى قَـطَـنٍ بـالـشَّيْمِ أيْـمَنُ صَـوْبهِ 

وَأيْــسَـرُهُ  عَــلـى الـسّـتـارِ فَـيَـذْبُـلِ

وَألـقـى  بِـبَـيسانَ مَــعَ الـلَـيلِ بَـركَهُ 

فَـأنـزَلَ مِـنـهُ الـعَصمَ مِـن كُـلِّ مَـنزِلِ

قد يعجبك ايضا
اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد