دَنا سَفَرٌ وَالدارُ تُنئي وَتُصقِبُ
أَبو تَمَّام –
دَنا سَفَرٌ وَالدارُ تُنئي وَتُصقِبُ
وَيَنسى سُراهُ مَن يُعافى وَيُصحَبُ
وَأَيّامُنا خُزرُ العُيونِ عَوابِسٌ
إِذا لَم يَخُضها الحازِمُ المُتَلَبِّبُ
وَلا بُدَّ مِن فَروٍ إِذا اِجتابَهُ اِمرُؤٌ
كَفى وَهوَ سامٍ في الصَنابِرِ أَغلَبُ
أَمينُ القُوى لَم تَحصُصِ الحَربُ رَأسَهُ
وَلَم يَنضُ عُمراً وَهوَ أَشمَطُ أَشيَبُ
يَسُرُّكَ بَأساً وَهوَ غِرٌّ مُغَمَّرٌ
وَيُعتَدُّ لِلأَيّامِ حينَ يُجَرَّبُ
تَظَلُّ البِلادُ تَرتَمي بِضَريبِها
وَتُشمَلُ مِن أَقطارِها وَهوَ يُجنَبُ
إِذا البَدَنُ المَقرورُ أُلبِسَهُ غَدا
لَهُ راشِحٌ مِن تَحتِهِ يَتَصَبَّبُ
إِذا عَدَّ ذَنباً ثِقلَهُ مَنكِبُ اِمرِئٍ
يَقولُ الحَشا إِحسانُهُ حينَ يُذنِبُ
أَثيثٌ إِذا اِستَعتَبتَ مُعصِفَةً بِهِ
تَمَلَّأتَ عِلماً أَنَّها سَوفَ تُعتِبُ
يَراهُ الشَفيفُ المُرثَعِنُّ فَيَنثَني
حَسيراً وَتَغشاهُ الصَبا فَتَنَكَّبُ
إِذا ما أَساءَت بِالثِيابِ فَقَولُهُ
لَها كُلَّما لاقَتهُ أَهلٌ وَمَرحَبُ
إِذا اليَومُ أَمسى وَهوَ غَضبانُ لَم يَكُن
طَويلَ مُبالاةٍ بِهِ حينَ يَغضَبُ
كَأَنَّ حَواشيهِ العُلى وَخُصورَهُ
وَما اِنحَطَّ مِنهُ جَمرَةٌ تَتَلَهَّبُ
فَهَل أَنتَ مُهديهِ بِمِثلِ شَكيرِهِ
مِنَ الشُكرِ يَعلو مُصعِداً وَيُصَوِّبُ
لَهُ زِئبِرٌ يُدفي مِنَ الذَمِّ كُلَّما
تَجَلبَبَهُ في مَحفِلٍ مُتَجَلبِبُ
فَأَنتَ العَليمُ الطَبُّ أَيُّ وَصِيَّةٍ
بِها كانَ أَوصى في الثِيابِ المُهَلَّبُ