من الشعر والأدب العربي

أعدى من الشنفرى

هذا من العدو، ومن حديثه – في ما ذكر أبو عمرو الشيباني – أنه خرج هو وتأبط شرا: وعمرو بن براق فأغارو على بجيلة فوجدوا له رصدا على الماء، فلما مالوا له في جوف الليل قال لهما تأبط شرا: إن بالماء رصدا، وإني لأسمع وجيب قلوب القوم، فقال: ما تسمع شيئا، وما هو إلا قلبك يجب، فوضع أيديهما على قلبه وقال: والله ما يجب وما كان وجابا، قالوا: فلا بد لنا من ورود الماء، فخرج الشنفرى، فلما رآه الرصد عرفوه فتركوه حتى شرب من الماء، ورجع إلى أصحابه فقال: والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض، فقال تأبط شرا للشنفرى: بلى، ولكن القوم لا يريدونك، وإنما يريدونني، ثم ذهب ابن براق فشرب ورجع ولم يعرضوا له، فقال تأبط شرا للشنفرى: إذا أنا كرعت في الحوض، فإن القوم سيشدون علي فيأسرونني، فاذهب كأنك تهرب، ثم كن في أصل ذلك القرن فإذا سمعتني أقول: خذوا خذوا، فتعال فأطلقني، وقال لابن براق: إني سآمرك أن تستأسر للقوم، فلا تنأ عنهم ولا تمكنهم من نفسك، ثم مر تأبط شرا حتى ورد الماء فحين كرع في الحوض شدوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر، وطار الشنفرى، فأتى حيث أمره، وانحاز ابن براق حيث يرونه، فقال تأبط شرا: يا معشر بجيلة، هل لكم في خير أن تياسرونا في الفداء ويستأسر لكم ابن براق؟ قالوا: نعم، فقال: ويلك يا بن براق أما الشفنرى فقد طار، وهو يصطلى نار بنى فلان، وقد علمت مابيننا وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر ويياسرونا في الفداء؟ قال: لا والله حتى أروز نفسي شوطا أوشوطين فجعل يستن نحو الجبل ويرجع حتى إذا رأوا أنه قد أعيى طمعوا فيه فاتبعوه ونادى تأبط شرا: خذوا خذوا، فخالف الشنفرى إلى تأبط شرا فقطع وثاقه مال إلى عنده فناداهم تأبط شرا: يا معشر بجيلة أعجبكم عدو ابن براق؟ أما والله لأعدون لكم عدوا ينسيكم عدوه، ثم احضروا ثلاثتهم، فنجوا وفي ذلك يقول تأبط شرا:

ليلة صاحوا وأغروا بي سرعهم
… بلعبيتين لدى معدى ابن براق

كأنما حثحثوا حصا قودمه
… أوأم خشف بذى شث وطباق

لا شيء أسرع مني غير ذي عذر
… أوذي جناح بجنب الريد خفاق

فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عدئين، ولم يسر المثل إلا بالشنفرى

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد